للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أمرني الله بإخراجهم، وشفعني فيهم " ثم أعود فأحمده " كما صنعت في المرة الأولى " فيقال: ارفع رأسك " الخ كما قيل في المرة السابقة " فيقال: انطلق، فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة " أي مقدار نملة من أعمال الإِيمان " ثم أعود فأحمده " للمرة الثالثة " فيقال: يا محمد ارفع رأسك " أي فيجيبني بما أجابني في المرّة السابقة، ويأذن في بالشفاعة للمرة الثالثة " فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان " أي من كان في قلبه مقدار أصغر حبة خردل من أعمال الإِيمان بعد التوحيد والتصديق بالأركان.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: إثبات كلام الله تعالى (١) مع أنبيائه صلوات الله عليهم يوم القيامة بدليل تكليمه عز وجل لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفّع " وهو ما ترجم له البخاري. ثانياًً: إثبات الشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة بدليل قوله عز وجل " اشفع تشفّع " قال القاضي عياض: شفاعات نبينا - صلى الله عليه وسلم - القيامة خمس شفاعات: الأولى: العامة: وهي التي تكون لفصل القضاء وإراحة الناس من المحشر. الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب. الثالثة: في قوم من أمته استوجبوا النار بذنوبهم، فيشفع فيهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعة الخوارج والمعتزلة. الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين فيخرج بشفاعة نبينا وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين - وهذه الشفاعة أنكرتها المعتزلة أيضاً. الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة الأهلها. قلت: وقد دل حديث الباب على شفاعتين: الشفاعة العامة، والشفاعة لِإخراج العصاة من النار بدليل قوله: " فيقال له: انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان " إلخ. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله عز وجل:


(١) وفي هذا رد على الجهمية في إنكار كلام الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>