للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتزاعاً ينتزعه من العباد" أي إن الله لا يرفع العلم من الناس بإزالته من قلوب العلماء ومحوه من صدورهم، أو برفع الكتب العلمية من الأرض " ولكن يقبض العلم بقبض العلماء " أي ولكنه يرفع العلم بموت العلماء " حتى إذا لم يبق عالم " وفي راوية: لم يُبْقِ عالماً، أي إذا مات أهل العلم الحقيقي، ولم يبق هناك أحد منهم، وصل الجهلاء إلى المراكز العلمية التي لا يستحقونها من تدريس وإفتاء ونحوه، " واتخذ الناس رؤوساً جهالاً " أي وجعل الناس من الجهلاء وأدعياء العلم علماء يسألونهم كما جاء في رواية أخرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اتخذ الناس رؤساء جهالاً " " فسئلوا " عن الحلال والحرام وأحكام العبادة والمعاملة " فأفتوا بغير علم " أي فأفتوا الناس على جهل، فأحلوا الحرام وحرّموا الحلال، " فضلوا " في ذات أنفسهم عن الحق " وأضلوا " من اتبعهم وأخذوا بفتواهم من عامة الناس. الحديث: أخرجه الخمسة.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: التحذير الشديد من الجرأة على الفتوى بغير علم، لما في ذلك من إضلال الناس، فإن المفتي الجاهل يتحمل وزر من أضلّه، بالإِضافة إلى وزره هو، ويدخل في مصداق قوله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم). ثانياًً: تحذير ولاة الأمور من تعيين الجهلاء في المناصب الدينية لهذا الحديث، وقد قال محمد بن سيرين من التابعين: " إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم ". ثالثاً: أن موت العالم خسارة عظيمة، لأنَّ العلم يرفع بموت العلماء. والمطابقة: في كون الحديث بمنزلة الجواب للترجمة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>