للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجسام، فتصوّر أعمال الطائعين في صورة حسنة، وأعمال المسيئين في صورة قبيحة، ثم توزن، وفي حديث جابر مرفوعاً: " يوضع الميزان يوم القيامة، فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال حبة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال حبة دخل النار " (١) أما وقت الوزن فإنه بعد الحساب، وهو تكملة له، ومكان الميزان بين الجنة والنار، والقائم به جبريل عليه السلام، حيث يأخذ بعمرده مستقبلاً العرش، وهناك ملك ينادي بصوت يسمعه الخلائق: سعد فلان، وشقي فلان، ويعلن عن نتيجة الوزن. وهل هو ميزان واحد أو موازين؟ هذه مسألة خلافية أيضاً، والأصح أنه ميزان واحد، والمراد بالجمع الموزونات وهي متعددة.

الحكمة في وزن الأعمال: قال الخازن (٢): فإن قيل: أليس الله عز وجل يعلم مقادير أعمال العباد، فما الحكمة في وزنها؟ فالجواب: أن في ذلك حِكَماً كثيرة، منها إظهار العدل، وأن الله عز وجلّ لا يظلم عباده، ومنها: تعريف العباد ما لهم من خير وشر، وحسنة وسيئة، وفائدة تعريفهم بمقادير أعمالهم كما قال الشيخ عبد الله ابن الزكي في " ختم صحيح البخاري " أنهم لو دخلوا الجنة قبل الموازنة ربما ظن المطيع أنه نال الدرجات في الجنة عن استحقاق، وتوهم المعذب أن عذابه فوق ذنبه، فتوزن أعمالهم ليقفوا على مقادير أجرها، فيعلم الصالح أن ما ناله من الدرجات بفضل الله، لا بمجرد عمله، ويتيقن المجرم أن ما ناله من العذاب دون ما ارتكب من الحرام.

المناسبة في البدء والختام: وأخيراً ما وجه المناسبة في بدء البخاري صحيحه بحديث " إنما الأعمال بالنيات " وختمه بحديث " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله


(١) ذكره الحافظ السيوطي في " الدرر المنثور " (٣/ ٧٠) ونسبه لأبي للشيخ عن جابر رضي الله عنه. (ع).
(٢) تفسير الخازن ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>