للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ؟ فقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتاً في مِكْتَل فإذَا فَقَدْتَهُ فَهُو ثَمَّ، فانْطَلَقَ، وانطَلَقَ بفَتَاهُ يُوشَعَ بْن نُونٍ، وحَمَلا حُوتاً في مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُؤسَهُمَا وَنَامَا، فانْسَلَّ الْحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ في الْبَحْرِ سَرَباً.

ــ

شيء، وكلّمه تكليماً "فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه" أي فلم يرض الله له قوله هذا، ولامه عليه، لعلو قدره لديه، فكان ينبغي له مهما بلغ من العلم ما ينبغي للعالم وهو أن يقول: الله أعلم، فيكل العلم إلى الله تعالى تواضعاً وتأدباً معه عز وجل " فأوحى الله إليه أن عبداً من عبادي " وهو الخضر عليه السلام " في مجمع البحرين " وهو كما قال البقاعي: ملتقى النيل بالبحر الأبيض عند دمياط " هو أعلم منك " وليس المراد أنه أعلم من موسى على الإِطلاق، وإنما هو أعلم منه ببعض الأمور، قال الحافظ: والحق أن المراد بهذا الإِطلاق تقييد الأعلمية بأمر مخصوص لقوله بعد ذلك: إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمك الله لا أعلمه.

قال الحافظ: وقع لبعض الجهلة أن الخضر أفضل من موسى تمسكاً بهذه القصة، ولم ينظر فيما خص الله به موسى من الرسالة وسماع كلام الله وإعطائه التوراة التي فيها علم كل شيء، وأن أنبياء بني إسرائيل كلهم داخلون تحت شريعته، ومخاطبون بحكم نبوته حتى عيسى. والخضر وإن كان نبياً فليس برسول باتفاق. والرسول أفضل من نبي ليس برسول، ولو فرضنا أنه رسول فرسالة موسى أعظمُ وأمته أكثر، وغاية الخضر أن يكون كواحدٍ من أنبياء بني إسرائيل، وموسى أفضلهم " فقال يا رب وكيف به " أي وكيف أهتدي إليه وأعثر عليه " فقيل له: احمل حوتاً في مكتل " أي في زنبيل " فإذا فقدته فهو ثم " أي فإن الخضر في ذلك المكان الذي تفقد فيه الحوت " فانطلق "

<<  <  ج: ص:  >  >>