للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظرت إليْها نظرةً فَتَحَيَّرَتْ ... دَقَائِق فِكْري فِى بَدِيْع صِفَاتِهَا

فَأوحَى إِلَيْهَا الطرفُ أنَّي أحبّهَا ... فأثَّر ذَاكَ الوَحيُ في وَجنَاتِهَا

ومنه قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا).

(ب): الكتابة كقول لبيد (١):

فمدافعُ الرَّيَّان عُرِّي رَسْمُها ... خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلاَمُها

(فالْوُحِىُّ جمع وَحْيٍ وهو الكتابة)، وإنما سميت الإِشارة والكتابة وحياً لدلالتهما على المعنى بسرعة لا يدانيهما فيها غيرهما. والعرب تسمي السرعة وحياً، فيقولون: تَوَحَّى الرجل إذا جاء بسرعة، فهما يرجعان إلى أصل واحد وهو السرعة.

(جـ) الإِلهام القلبي وهو ما يلقيه الله في قلب الإنْسان من علم، أو أمر، أو نهي. كما قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).

(د) التسخير الغريزى للحيوان (٢) كقوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ): أي أنَّ الله سخرها عن طريق الغريزة أنْ تصنع هذه الأشياء

العجيبة.

(هـ) الوسوسة الشيطانية، ومنه قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ). وإنما سمي " الإلهام " و " التسخير الغرْيزي " و " الوسوسة الشيطانية " وحياً، لأنّها إعلام في خفاء، والعرب تسمي الإعلام الخفي


(١) ديوانه: ٢٩٧
(٢) الوحي المحمدي للسيد رشيد رضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>