للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السرير متوسطة بينه وبين القبلة " فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - " أي فتطرأ لي الحاجة إلى مغادرة السرير فأكره أن أجلس أمامه لئلا أؤذيه " فأنسل من عند رجليه " أي فأمضي بتأن وتدرج من عند رجليه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن مرور المرأة بين يدى المصلي لا يقطع الصلاة وكذلك مرور الكلب والحمار وبقية الأشياء الأخرى كما ترجم له البخاري، ولهذا قال الجمهور: لا يقطع الصلاة شيء، واستدلوا بحديث الباب، هذا لأنّه كما قال القسطلاني (١) " إذا كانت المرأة لا تقطع الصلاة مع أن النفوس جبلت على الاشتغال بها، فغيرها من الكلب والحمار وغيرهما كذلك، بل أولى، واحتجوا أيضاً بحديث علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال " لا يقطع الصلاة شيء إلاّ الحدث " أخرجه الطبراني (٢) وذهب بعض أهل العلم إلى أن مرور الكلب والحمار والمرأة بين يدي المصلي يقطع الصلاة، ويبطلها عليه، لحديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود " أخرجه مسلم (٣) وذهب الشافعي إلى تأويل القطع بأن المراد به نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالكلب الأسود، فأجيب بأنه شيطان، ومعلوم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم تفسد صلاته، فالمشبَّه لا تفسد الصلاة به من باب أولى وقال أحمد: يقطعها الكلب الأسود لنص الحديث وعدم المعارض وفي قطعها من المرأة والحمار شيء لوجود المعارض، وهو صلاته إلى أزواجه. ثانياً: قال العيني: فيه جواز صلاة الرجل إلى المرأة وكرهه البعض لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - لخوف الفتنة بها، واشتغال القلب بها بالنظر إليها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - منزه عن ذلك مع أنه كان


(١) شرح القسطلاني ج ١.
(٢) العيني على البخاري ج ٤.
(٣) شرح القسطلاني ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>