للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصبر على كيد الحسود ... فإن صبرك قاتلهْ

كالنار تأكل بعضها ... إن لَمْ تجدْ ما تأكلهْ

" فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء، ونفس في الصيف " وأصل النفس ما يخرج من الجوف ويدخل إليه من الهواء، والمراد أن الله أذن لها أن تخفف عن نفسها فتفرز طاقتين متضادتين إلى هذه الأرض: طاقة باردة في الشتاء وطاقة حارة في الصيف " قال - صلى الله عليه وسلم - " فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير ". أي فليست شدة الحرارة التي تعانونها صيفاً إلّا من ذلك النفس الذي تخفف به عن نفسها صيفاً، وليست شدة البرودة التي تقاسونها شتاءً إلا من ذلك النفس الذي تخفف به عن نفسها شتاءً. ولا مانع ولا غرابة أن يجمع الله فيها بين الضدين، لأنّ الذي خلق في عالمنا الصغير - الثلج والنار - قادر على أن يخلق في جهنم طبقة نارية وطبقة زمهريرية.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استحباب الإِبراد بصلاة الظهر للمنفرد والجماعة عند اشتداد الحر صيفاً، وهو قول أبي حنفية وإسحاق، وظاهر كلام أحمد، قال ابن قدامة: وأما في شدة الحر فكلام الخرقي يقتضي استحباب الإِبراد بها على كل حال، وهو ظاهر كلام أحمد قال الأثرم: وعلى هذا مذهب أبي عبد الله، يستحب تعجيلها في الشتاء والإبراد بها في الحر (١)، وهو قول اسحاق وأصحاب الرأي وأبن المنذر لظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " رواه الجماعة عن أبي هريرة، وهذا عام. وقال القاضي: إنّما يستحب الإِبراد بثلاثة شروط شدة الحر، وأن يكون في البلدان الحارة، ومساجد الجماعات، فأمّا من صلاها في بيته أو في مسجد بيته فالأفضل تعجيلها، وهذا مذهب الشافعي " وقال المالكية " يستحب الإِبراد في الحر والبرد معاً أما في الحر فيستحب للمنفرد إلى ربع القامة،


(١) أي يستحب الإِبرار بها مطلقاً في البيت أو في المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>