للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فكَرِهَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَعْرُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: " ألَا تَحْتَسِبُونَ آثارَكُمْ ".

ــ

وكانت هذه المنطقة تسمى في ذلك العصر بالمذاد، وهي بعيدة عن المسجد، فلما خلت بعض الديار القريبة " أرادوا أن يتحولوا " أي أن ينتقلوا " عن منازلهم فينزلوا قريباً من النبي - صلى الله عليه وسلم - "، ويقتربوا من المسجد النبوي الشريف ليتمكنوا من الصلاة معه، وحضور مجلسه، قال جابر: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلِمةَ أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال: " يا بني سلِمة ديارَكم تكتب آثاركم "، أخرجه مسلم. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبقاء في منازلهم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يهدف من وراء ذلك إلى حماية المدينة من العدو من الجهة الغربيّة كما قال أنس: " فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعروا المدينة " أي كره أن تخلو الجهة الغربية منهم، لانهم كانوا بمثابة سور للمدينة يحميها من الأعداء، ولهذا نهاهم عن الانتقال عن تلك المنطقة وبشرهم باحتساب خطواتهم، وتكاثر حسناتهم تبعاً لبعد منازلهم فقال: " ألا تحتسبون آثاركم " أي ألا تفرحون باحتساب خطواتكم وإن لكم بكل خطوة حسنة.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: فضل كثرة المشي وبعد الدار عن المسجد، وما يؤدي إليه زيادة الخطوات من زيادة الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات. ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى " أخرجه البخاري. ثانياًً: أنه يستحب للمسلم أن يحتسب خطواته إلى المسجد عند الله تعالى، ويستحضر فضل ذلك في أثناء سيره. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تحتسبون آثاركم".

<<  <  ج: ص:  >  >>