للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأة ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أخافُ اللهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ أخفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالَهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ".

ــ

القيامة، لأنه جاهد نفسه في سبيل مولاه، وتغلّب على شهواته، وهو في عنفوان شبابه، والشباب شعبة من الجنون. والثالث من هؤلاء: " رجل قلبه معلق في المساجد " أي شديد الحب والتعلق بالمساجد يتردد عليها ويلازم الجماعة فيها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ". وقال عز وجل: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ). والرابع من هؤلاء: " رجلان تحابّا في الله " أي أحب كل منهما الآخر في ذات الله تعالى وفي سبيل مرضاته، كما يحب طالب العلم شيخه لأنّه يوصله إلى العلم النافع المؤدي إلى رضوان الله تعالى. " اجتمعا على ذلك " أي اجتمعا على حب الله تعالى والمشاركة فيما يرضيه من طلب العلم، أو الاجتهاد في العبادة، أو القيام بمصالح المسلمين، " وتفرقا عليه "، أي واستمرا على محبتهما هذه لأجله تعالى حتى فرق بينهما الموت، ولم يقطع بينهما عارض دنيوي كما قال المناوي. وذلك لأنَّ ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصم وانقطع. والخامس: " ورجل طلبته امرأة ذات منصب " بكسر الصاد " وجمال " أي دعته لنفسها امرأةٌ حسناء ذات أصل كريم وحسب ونسب، ومال وجاهٍ، ومركز مرموق " فقال: إني أخاف الله " أي فإذا به يسمع صوت ضميره من أعماق نفسه يقول له: " إني أخاف الله " فيمنعه خوف الله عن اقتراف ما يغضب الله. والسادس من هؤلاء: " رجل تصدق " صدقة التطوع " أخفى " أي فأخفى صدقته " حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " أي فبالغ في إخفاء صدقته على الناس، وسترها عن كل شيء حتى ولو كان شماله رجلاً ما علمها، فهو من مجاز التشبيه، كما أفاده المناوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>