للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ، قَالَ: فَإنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئَاً فَلْيَتَّبعْ، فَمِنْهُمْ مَن يَتَّبعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبعُ الطَّوَاغيتَ، وَتَبْقَى هَذه الأمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فيَأتِيهِمُ اللهُ

ــ

الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن رؤية المؤمنين لربهم، وهل المؤمنون يرون ربهم بأعينهم يوم القيامة؟ " قال: هل تمارون في القمر لينة البدر؟ " قال القسطلاني: " تمارون " بضم التاء من المماراة وهي المجادلة، وللأصيلي تَمارَوْن بفتح التاء والراء، وأصله تتمارَون حذفت إحدى التاءين أي هل تشكون. وعلى الأوّل معناه، هل تتجادلون في رؤية القمر ليلة الرابع عشر، فينكرها فريق من الناس، ويثبتها الآخر، أو أن ذلك حقيقة من الحقائق المحسوسة المسلَّم بها عند جميع البشر، وعلى الثاني معناه: هل تشكُّون في مشاهدة القمر هذه الليلة، " قالوا: لا يا رسول الله " فإن القمر لا يخفى على أحد هذه الليلة ولا يشك في وجوده أحدٌ " قال فإنكم ترونه كذلك " أي فإنكم سترون ربكم ظاهراً جلياً دون شك ولا ريب، كما أنه لا شك في رؤية القمر ليلة البدر، ورؤية الشمس في رابعة النهار، ليس دونهما سحاب والتشبيه في قوله: " ترونه كذلك " إنما هو في الرؤية ووضوحها لا في المرئي وهيئته وشكلِهِ، لأنه عز وجل ليس كمثله شيء " يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتَّبع " أى فليلحق بمعبوده، ويطلب عنده النجاة. " فمنهم من يتبع الشمس " وهم عبَّادها في الدنيا " ومنهم من يتبع الطواغيت " جمع طاغوت. قال ابن القيم: والطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع (١) والطواغيت كثيرة ورؤسها خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عُبد وهو راض،


(١) " الأصول الثلاثة " للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومعنى " أو متنوع " يعني في معصية الله " أو مطاع " أي في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحلّ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>