للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَهَ إلَّا اللهُ، واشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه".

ــ

السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح" أي فإنكم إذا قلتم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين انتفع بهذا السلام كل عبد صالح في الأرض أو السماء فتشمل الملائكة والجن والإنس، ثم أتم - صلى الله عليه وسلم - التشهد بقوله: " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله " فختمه بالشهادتين، ولذلك سمّي بالتشهد لاشتماله على النطق بشهادة الحق، تغليباً لها لشرفها، كما أفاده الزرقاني.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية التشهد في الصلاة، وقد اختلف العلماء في حكم التشهد الأول والأخير. فأمّا الأول: فهو سنة عند أكثر أهل العلم، خلافاً لأحمد في رواية، وأبي حنيفة في الصحيح من مذهبه.

وأما الثاني: فهو ركن عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا تجزىء صلاة إلاّ بتشهد " أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " ولما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: " التحيات لله " رواه الجماعة وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنّه سنة (١) واستدل المالكية على سنيته بحديث المسيء في صلاته لأنه - صلى الله عليه وسلم - علمه أركان الصلاة فلم يذكر التشهد. ثانياًً: دل الحديث على الصيغة المشروعة في التشهد كما يرويها ابن مسعود وهي المختارة عند أحمد وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم، واختار مالك تشهد عمر الذي علّمه الناس على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله " حيث لم ينكر عليه الصحابة، فجرى مجرى الحديث المتواتر (٢)، واختار الشافعي


(١) " الإفصاح عن معاني الصحاح " ج ١.
(٢) " شرح الباجي على الموطأ " ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>