للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

" أبواب تقصير الصلاة "

هكذا ترجم البخاري وبعض الفقهاء، ومنهم من ترجم بقوله " قصر الصلاة ". والقصر والتقصير: والاقتصار بمعنى واحد، وإن كانت تختلف من حيث الاشتقاق. فالقصر مصدر قَصَرْتُ الصلاة بتخفيف الصاد، والتقصير مصدر قصَّرت الصلاة بتشديد الصاد، والأول أشهر استعمالاً.

ومعنى القصر: كما قال الزرقاني: تخفيف الرباعية إلى ركعتين. ولا قصر في الصبح والمغرب إجماعاً. قال الجمهور وإنما تقصر الصلاة في السفر إذا كان سفر عبادة أو سفراً مباحاً، لقوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ). وأما سفر المعصية فالمشهور من مذهب مالك والشافعي (١) أنه لا تقصر فيه الصلاة (٢)، وقال أبو حنيفة: تقصر، وهى رواية زياد بن عبد الرحمن عن مالك. وأما السفر المكروه، فقد سئل عنه مالك فقال: أنا لا آمره بالخروج، فكيف آمره بالقصر. والحكمة في مشروعيه القصر: الرفق بالمسافر، ومراعاة ظروفه الصعبة، والتخفيف عنه لما يلاقيه في سفره من المشقة، والمعاناة، والمكاره، والأخطار، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " السفر قطعة من العذاب "، وبالغ بعضهم فقال: العذاب قطعة من السفر (٣)، ولم تقصر الثلاثية لأنها لا تقبل القسمة، ولا الثنائية لأنها تصير


(١) يفرق الشافعي بين المعصية بالسفر والمعصية في السفر، فإذا كانت المعصية هي الباعث على السفر فلا يجوز له القصر وأما إذا وقعت من المسافر سفراً مباحاً معاص في سفره فلا يمنعه ذلك من قصر الصلاة. اهـ. المصحح.
(٢) " شرح الباجي على الموطأ " ج ١.
(٣) " حكمة التشريع الاسلامي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>