للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركناً من أركان الإِسلام لقولها: " إن فريضة الله على عباده " حيث سمّت الحج فريضة وأقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولأن الحديث دل على تأكيد الأمر بالحج حتى إن العاجز عنه لعارض بدني من شيخوخة، أو غيرها لا يعذر في تركه، ولا يسقط عنه، كما قال العيني، بل يحج عنه بدليل أن الخثعمية لما قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أفأحج عنه؟ قال: "نعم " والحج واجب بالكتاب والسنة والإِجماع بشروطه المجمع عليها عند الفقهاء، وهي الإِسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة. وتتحقق الاستطاعة عند الجمهور بثلاثة أمور:

أمن الطريق، والزاد، والراحلة، ومعنى الزاد أن يملك المسلم ما يكفيه ويكفي من يعوله كفاية فاضلة عن حوائجه الأصلية من مسكن وملبس ومركب، أمّا الراحلة فمعناها في عصرنا هذا أن يجد أجرة الطائرة أو السيارة أو الباخرة التي تمكنه من الوصول والعودة. وقال مالك: لا يشترط في الحج الزاد والراحلة، وإنما معنى الاستطاعة عنده القدرة على الوصول راكباً أو ماشياً والتمكن من الحصول على الزاد ولو بالسؤال. والحج واجب في العمر مرة واحدة، لحديث الأقرع بن حابس رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرّة واحدة؟ قال: " بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع " أخرجه أبو داود وابن ماجة والدراقطني والحاكم. ثانياًً: دل الحديث على جواز الاستنابة في حج الفريضة لعجز ميئوس من زواله وهو قول الجمهور وابن حبيب من المالكية، سواء وجب الحج حال صحته أو حال عذره، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا تجزىء النيابة عنه إلاّ إذا لزمه الحج حال عذره.

وقال مالك والليث: لا يحج أحد عن أحدٍ إلاّ عن ميت لم يحج حجة الإِسلام (١) لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ


(١) قال العثماني في " رحمة الأمة ": وتجوز النيابة في حج الفرض عن الميت بالاتفاق، وفي حج التطوع عند أبي حنيفة وأحمد، وللشافعي قولان أصحهما المنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>