للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٨٣ - عَنْ أبِي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " مَنْ حَجَّ لله فلَمْ يَرْفُثْ، ولم يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ ولَدَتْهُ أمُّهُ ".

ــ

أخرجه أيضاًً النسائي وابن ماجة. والمطابقة: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لكن أفضل الجهاد حج مبرور ".

٥٨٣ - معنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من حج لله فلم يرفث " أي فلم يفعل شيئاً من الجماع أو مقدماته " ولم يفسق " أي: ولم يرتكب إثماً أو مخالفة شرعية صغيرة أو كبيرة تخرجه عن طاعة الله تعالى " رجع كيوم " بالجر على الإِعراب (١)، وبالفتح على البناء " ولدته أمه " أي عاد بعد حجه نقياً من خطاياه، كما يخرج المولود من بطن أمه، أو كأنه خرج حينئذ من بطن أمه. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: " رجع كيوم ولدته أمه ".

فقه الحديثين: دل الحديثان على ما يأتي: أولاً: أن الحج المقبول الخالي من الرياء والسمعة والمال الحرام، ومن الجماع ومقدماته، ومن الآثام والسيئات صغيرها وكبيرها، لا يعدله شيء من القربات، لأنّه أفضل الأعمال بعد الإِيمان بالله تعالى. وقد اختلفت الروايات في الحج والجهاد أيُّهما أفضل، والتحقيق تفضيل الحج، لأنه ركن من أركان الإِسلامٍ الخمسة، وفرض عيني على كل مسلم، رجلاً كان أو امرأة إذا كان مستطيعاً، في حين أنّ الجهاد فرض كفاية إلّا في حالات استثنائية فقط، وذلك إذا تعرضت بلاد المسلمين لمداهمة العدو، فالأصل هو أفضلية الحج. أما تقديم الجهاد في حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان بالله ورسوله "، قيل: ثم ماذا؟


(١) " شرح الشرقاوي على مختصر الزبيدي " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>