للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أي حتى يحب لأخيه أن يساويه في الخير) ولا يصعب ذلك على القلب السليم. وقال ابن العماد: الأولى أن يحمل قوله " حتى يحب لأخيه " على عموم الأخوة، حتى يشمل الكافر والمسلم فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من الدخول في الإسلام، ولذلك ندب الدعاء له بالهداية (١) وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لكفار قريش بالخير، ويحبه لهم، ويقول: " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " ومما يؤكد أن المراد محبة الخير للناس جميعاً، لا فرق بين مسلم وكافر قوله - صلى الله عليه وسلم - أفضل الإيمان أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك " أخرجه أحمد في " مسنده " ولكن هذا إذا لم يكن في الخير الذي يصيبهم مَضَرَّة للمسلمين وإلّا دخل ذلك في موالاة أعداء الله.

ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: أن عاطفة المحبة للناس وحب الخير لهم جميعاً من كمال الإيمان، ولا يتحقق ذلك إلاّ إذا تجرد الإنسان من الأنانية والحقد (٢) والكراهية والحسد، وأحب لغيره من المباحات ما يحبه لنفسه من السلامة، والأمن، ورغد العيش والهداية والتوفيق. أما المعاصي فليس من الإِيمان أن يحبها لغيره، لأنها شرٌّ لا خير فيها، أما محبة المسلم لأخيه المسلم فإنها آكد وأقوى، ولا يكفى فيها مجرد العواطف النفسية، بل لا بد أن تظهر آثار هذه العواطف في معاملته. ثانياً: التحذير من الحقد والحسد وغير ذلك من المشاعر الكريهة التي تنافي المحبة. المطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.

...


(١) شرح الشبرخيني المالكي على الأربعين النووية.
(٢) الوافي في شرح الأربعين النووية.

<<  <  ج: ص:  >  >>