للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عباس رضي الله عنهما. واختلفوا أيها أفضل؟ فقال أحمد في المشهور عنه وبعض الشافعية واللخمي من المالكية: التمتع أفضل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به أصحابه، ودعاهم عندما قدموا مكة إلى فسخ الحج إلى العمرة، وتمنى أنه لو يسق الهدي حتى يجعلها عمرة ويتحلل مثلهم، وهو لا يختار فيما يأمر به إلاّ الأفضل، وهو أفضل أيضاًً لأنه آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال الإِمام أحمد. واختار مالك الإِفراد وهو المشهور من مذهب الشافعي وغيره من أهل العلم، واحتجوا على أفضليته بأدلة: أولها الأحاديث الصحيحة التي تدل على أنه كان مفرداً عن جابر وابن عمر وعائشة وابن عباس، ففي حديث عائشة " وأهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج " وهو لا يحتمل إلاّ الإفراد، وفي حديث جابر " أنّه حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه. وقد أهلوا بالحج مفرداً " كما رواه الشيخان، وفي حديث ابن عمر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بالحج مفرداً " وفي حديث ابن عباس: " أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج " أخرجه مسلم فهذه الأحاديث الصحاح دالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم مفرداً، ورواتها من أضبط الرواة وأصحهم، أضف إلى ذلك أن المفرد لا دم عليه وانتفاء الدم عنه مع لزومه في التمتع والقران دليل أفضليته، لأن الكامل في نفسه الذي لا يحتاج إلى جبره بالدم أفضل من المحتاج إليه كما في " أضواء البيان "، ثم إن الافراد هو الذي عليه الخلفاء الراشدون وهم أفضل الناس وأتقاهم وأشدهم اتباعاً لسنته - صلى الله عليه وسلم -. ومما يدل على أفضليته أيضاًً إجماع الأمة على جوازه دون كراهة مع اختلافهم في غيره، فقد كره عمر وعثمان التمتع، كما كره بعضهم القران. اهـ. كما في " أضواء البيان " (١). وقال الثوري وأبو حنيفة: القران أفضل، واختاره ابن القيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارناً، وقال ابن تيمية: " القِران أفضل من التمتع إن ساق هدياً، وهو إحدى الروايتين عن أحمد "


(١) وقال النووي في " الروضة ": تفضيل الإفراد على التمتع والقران، شرطه أن يعتمر تلك السنة يعني من بلده، فلو أخر العمرة عن سنته فكل من التمتع والقران أفضل منه. (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>