للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ، ثُمَّ قَالَ: شَيءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَا نُحِبُّ أن نَتْرُكَهُ".

ــ

وللرمل" قال العيني: ويروى والرَّمل بغير لام، والنصب فيه على الأفْصَح، وفي رواية عن زيد بن أسلم: " فيم الرمل والكشْفُ عن المناكب " "إنما كُنا راءينا به المشركين" أي إنما شرع الرَّمل في الأصل بسبب وهو أن المشركين أشاعوا أن النبي وأصحابه قد أضعفتهم حمي يثرب فأمر النبي أصحابه في عمرة القضاء أن يرملوا في الطواف ليظهروا لهم سلامتهم وصحتهم وقوة أجسامهم تكذيباً لِإشاعتهم الباطلة، أما الآن فقد هزم الله الشرك وأهله، وفتحت مكة وزال السبب الداعي إلى الرمل، ولكنَّهُ بقي سنة مشروعة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنفعلها اقتداءً به، وعملاً بسنته، وإحياءً لهذه الذكريات الإِسلامية الخالدة، وهو معنى قوله: " ثم قال: - شيء صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه " أي فنحن الآن وقد أهلك الله تعالى المشركين ولا حاجة لنا بالرمل (١)، ولكنه شيء صنعه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه، اتباعاً له، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ثبت أنه رمل في حجته ولا مشرك يومئذ، فعلم أنَّه من مناسك الحج.

الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله: " شيء صنعه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ".

فقه الحديث: دل الحديث على أن الرمل في الطواف من السنن المشروعة فيه، وأن مشروعيته باقية رغم زوال سببه، وهو من الأعمال التي زال سببها وبقى حكمها ومشروعيتها، قال الخطابي (٢): وقد يحدث شيء من أمر الدين بسبب من الأسباب، فيزول ذلك السبب ولا يزول حكمه، كالعرايا والاغتسال للجمعة. وقال الطبري (٣): ثبت أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رمل في حجته ولا


(١) أي لا حاجة لنا بالرمل لزوال سببه فقد زال سببه وبقي حكمه، كما أفاده العيني.
(٢) " شرح العيني على البخاري " ج ٩.
(٣) أيضاًً " شرح العيني " ج ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>