للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلي الإِمام الظهر والعصر قصراً وجمعاً في مسجد نمرة (بفتح النون وكسر الميم) ويقع هذا المسجد ببطن وادي عُرنَة، ومن السنة أيضاًً أن يخفف الخطبة والصلاة ويسارع بالذهاب إلى الموقف فيقف هناك في الهاجرة كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ما ترجم له البخاري، فالتهجير سنة مستحبة، أما الانتقال من عُرنَةَ إلى الموقف من عرفة فهو أمر لا بد منه، ولا يتحقق الوقوف بدونه، لأنّ عُرنة ليست من عَرفة عند الجمهور، فمن اقتصر على الوقوف فيها لا يجزئه ذلك، فهي واد بين العلمين اللذين هما على حد عرنة، والعلمين اللذين هما على حد الحرم فليست من عرفة ولا من الحرم (١). اهـ. كما ذكره الفاسي في " تاريخه "، وحكى ابن المنذر عن مالك أن عُرَنَةَ من عرفات، وفي صحة ذلك عنه نظر على مقتضى ما ذكره الفقهاء المالكية في كتبهم، ولعل ما حكاه ابن المنذر عن مالك رواية غير مشهورة في المذهب. فقد نص خليل في " مختصره " على أن من وقف في بطن عرنة لا يصح وقوفه بها ولا يجزئه.

وإنما اختلف المالكية في " مسجد نَمِرَةَ " هل هو من عَرَفَةَ أو من عُرنَة؟ فمن قال إنه من عرفة قال يجزىء الوقوف به ومن قال إنه من عُرنة، قال لا يجزىء.

ولذلك اختلفوا في حكمه على خمسة أقوال: الإِجزاء وعدمه والإِجزاء مع وجوب الدم (٢)، والتوقف في حكمه، فقد روى القرافي عن مالك أنه قال: لم يصب (٣) من وقف به، فمن فعل لا أدري (٤) وخامسها: الإِجزاء مع الكراهة، وهو ما حكاه خليل في " مختصره " حيث قال: " وأجزأ " أي الوقوف " بمسجدها بكُرْهٍ " قال الحطاب يعني أن من وقف بمسجد نمرة فإنه يجزئه وقوفه مع الكراهة، وعند غيرهم لا يجزىء. إذن فالمعتمد عندهم أن


(١) هذا ما ذكره الفاسي عُرنَةِ وحدودها في " تاريخه " كما نقله عنه الحطاب في " شرح الخليل ".
(٢) " مواهب الجليل لشرح مختصر خليل " للحطاب ج ٣.
(٣) " التاج والإكليل للمواق على هامش مواهب الجليل " ج ٣.
(٤) أي لا أدري هل يجزئه ذلك الوقوف أم لا؟ وهذ النص صريح على توقفه في حكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>