للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأنْ يُحبَّ الْمَرءَ لا يُحِبُّهُ

ــ

معنى الحديث: أن للإِيمان حلاوة روحية، ولذة قلبية، لا تعدلها لذة أخرى في هذا الوجود، ولكن لا يتذوق هذه الحلاوة إلاّ من وجدت فيه ثلاث صفات كما قال - صلى الله عليه وسلم - " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ". الصفة الأولى: " أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " أي أن يتغلب الحب الإِلهي على نفسه، ويسيطر على كل عواطفه ومشاعره، فيكون حبه لله ورسوله أقوى من حبه لوالده وولده وماله وجاهه، بل أقوى من حبه لنفسه ومن كل شهواته النفسية، وهذه هي حقيقة الإِيمان التي إذا بلغها العبد كان هواه تبعاً لما جاء به - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث، ومن علامات ذلك كمال الطاعة، وتمام المتابعة، ولهذا قال ابن قدامة (١) رحمه الله تعالى: " من أحب الله لا يعصيه " ومراده أن الحب الإلهي الكامل يحول دون المعصية، لأن حلاوة الإِيمان وحب الله تمنع عن كل ما يغضب الله. والصفة الثانية " وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله " أي أن يحب أخاه المسلم محبة خالصة ابتغاء مرضاة الله لمزية دينية موجودة فيه، أو فائدة شرعية يستفيدها منه، من علم نافع أو سلوك حسن، أو صلاح أو عبادة. والصفة الثالثة " أن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار " أي أن تخالط قلبه بشاشة الإِيمان، فيكره الرجوع إلى الكفر - بعد أن هداه الله إلى الإِسلام، كما يكره أن يلقى في النار لعلمه يقيناً أن الكفر سبب للخلود فيها. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الإِيمان الكامل يربي في النفس أسمى العواطف الدينية، وهي ثلاث عواطف. عاطفة الحب الإِلهي: وقد أشار إليها


(١) " مختصر منهاج القاصدين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>