للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى أصْبَحنَا نَحْنُ، ثمَّ دفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فلان أكونَ اسْتَأذَنْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا اسْتَأذَنَتْ. سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَّي مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ".

ــ

الحركة، بطيئة السير، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنزل من مزدلفة آخر الليل قبل حطمة الناس - أي قبل شدة الزحام، لأن الزحام يشتد بعد الفجر، فأرادت أن تخلص من شدة الزحام بالنزول قبل الفجر، لأنّها من ضعفة النساء وأهل الأعذار. فلا تقدر على مزاحمة الناس لها، " فأذن لها " بالنزول في آخر الليل فنزلت قبل الفجر، " وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه "، أي نزلنا عند الإِسفار " فلأن أكون استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنت سودة أحبُّ إلي من مفروح به " أي فلما رأيت شدة الزحامِ تمنيت لو كنت فعلت كما فعلت سودة، ولو أني استأذنت مثلها لسررت كثيراً ولفرحت فرحاً عظيماً بالتخلص من ذلك التعب الذي عانيناه من شدة الزحام. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قولها: " وكانت امرأة بطيئة فأذن لها ".

فقه الحديثين: دل هذان الحديثان على ما يأتي: أولاً: أنه يرخُصُ لأهل الأعذار من النساء والصبيان والشيوخ بالنزول من مزدلفة بعد منتصف الليل، لقول أسماء رضي الله عنها: " أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن "، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أذن لسودة بالنزول آخر الليل قبل الفجر. ثانياًًً: مشروعية الوقوف بمزدلفة لقول عائشة " نزلنا المزدلفة " ومشروعية المبيت فيها حتى الصباح لقولها: " وأقمنا حتى أصبحنا " أي حتى صلينا الصبح فيها: وهذا المبيت واجب يجبر بالدم، عند أحمد وأبي حنيفة وقالت الشافعية: الواجب التواجد فيها ولو لحظة في النصف الثاني من ليلة النحر، وقالت المالكية: الواجب النزول بمزدلفة ليلة النحر، قبل الفجر بمقدار حط الرحال، سواء كان ذلك أوّل الليل أو آخره. أما المبيت فهو سنة عند المالكية والشافعية. وسيأتي تفصيل ذلك في

<<  <  ج: ص:  >  >>