للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الحديث: أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في عمرة الحديبية سنة ست من الهجرة يريد العمرة ومعه ألف وأربعمائة من أصحابه، وهو معنى قولهما: " في بضع عشرة مائة " والبضع ما بين الثلاث إلى التسع، " حتى إذا كانوا بذي الحليفة " ميقات أهل المدينة، وكل من أتى إلى الحج ومرّ بالمدينة، فإنها كذلك ميقات له، يعني فلما وصل النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الميقات المحدد شرعاً لأهل المدينة ومن مر عليها " قلّد النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي " أي جعل في أعناق الهدي قلادة تميزه عن غيره، من جلد أو نعلين أو نحوها، قالوا: والحكمة في تعليق النعلين في عنقها أن العرب تعد النعل مركوبة للإنسان، لكونها تقي صاحبها، وتحمل عنه وعر الطريق. فكأن الذي أهدي خرج عن مركوبه لله تعالى، كما خرج حين أحرم عن ملبوسه، ومن ثَمَّ استحب نعلين لا واحدة عند الجمهور، واشترطه الثوري، وقال الجمهور تجريء الواحدة أو قطعة جلد، " وأشعره " أي شق الإبل المعدة للهدي من جانب سنامها الأيمن لتعرف أنها هدي. الحديث: أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يسن تقليد الهدي، مطلقاً، وكره مالك وأبو حنيفة تقليد الغنم كما يسن إشعاره بأن تشق البدنة من جانب سنامها الأيمن لتعرف أنّها هدي، وهو مذهب الجمهور، وكرهه أبو حنيفة لأنّه مثلة. ثانياًً: أنّه يستحب تقليد الغنم في الاشعار من الميقات اتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الزرقاني: وفائدته الإعلام بأنّها هدي ليتبعها من يحتاج إلى ذلك. والمطابقة: في قوله: " حتى إذا كان بذي الحليفة قلّد الهدي وأشعره ".

***

<<  <  ج: ص:  >  >>