للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه العدو بالمعنى، لأن (١) العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وأما تَمَسُّكَ الفريق الأول بقوله تعالى: في الآية: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ) واستدلالهم بذلك على أن المراد بالإِحصار إحصار العدو خاصة، لأن الأمن لا يكون إلاّ من العدو، فإنه غير مسلم به لأن الأمن كما يكون من العدو يكون من المرض وغيره من الموانع. ومما يدل دلالة صريحة على أن الإِحصار يكون بأيّ مانع من مرض أو كسر أو جرح أو نحوه، حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من كُسِر أو عَرَجَ أو مرض فقد حَل وعليه الحج من قابل " أخرجه الأربعة (٢)، وقال عكرمة: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق، قال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري.

أما الأحكام المترتبة على الإِحصار فهي: أولاً: فسخ الإِحرام والخروج منه، وهو المسمى شرعاً " بالتحلل " وأما ما يتحلل به، فإن أمكنه الوصول إلى البيت تحلل بعمل عمرة، وإن تعذر عليه ذلك ذبح الهدي -عند الجمهور- حيث أُحصر في حل أو حرم وقت حصره، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما منعه كفار قريش نحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية قبل يوم النجز، فله النحر في موضعه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت الحنفية: لا يذبح الهدي إلاّ في الحرم فيبعث شاة تذبح هناك. ثانياًًً: أن كُلَّ مَنْ أحْصر وجب عليه أن يتحلل بهدي، سواء كان حاجاً أو معتمراً أو قارناً، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صده المشركون عن البيت وكان معتمراً، نحر، ثم حلق، وقال لأصحابه: " قوموا فانحروا ثم احلقوا " واختلفوا في القارن، فقال الشافعية والحنابلة: عليه دم واحد، وقال الحنفية: عليه دمان بناءً على أنه محرم بإحرامين فلا يحل إلاّ بدمين عندهم،


(١) " تكملة المنهل العذب المورود وشرح سنن أبي داود " ج ١.
(٢) وأخرجه أيضاًً أحمد والبيقهي والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>