للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَجْبُرُ النَّاسُ عظماً أنت كاسِرُهُ

ولا يَهيضُونَ عظماً أنت جَابِرُهُ

فجعلَ اللِّياذ فيما يُؤمَّل، والعياذ فيما يُحذَرُ مِن الأشياء المكروهة.

وهذان البيتان لا يصلحان إلا للَّهِ تعالى، وإنْ كان قائلُهما يَمدحُ بهما مخلوقاً، فهما مِن شطحاتِ الشُّعراء.

قوله: «من عذاب جهنم» أي: العذاب الحاصل منها، فالإضافة هنا على تقدير «من» فهي جنسيَّة كما تقول: خاتم حديد، أي: خاتم مِن حديد، ويحتمل أن تكون الإضافة على تقدير «في»، أي: عذابٌ في جهنم كما قال تعالى: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ﴾ [سبأ: ٣٣] أي: مكرٌ في الليل، والإضافة تأتي على تقدير «مِن» وعلى تقدير «في» وعلى تقدير «اللام» وهي الأكثر.

وقوله: «جهنم» عَلَمٌ على النَّارِ التي أعدَّها ﷿ للكافرين، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *﴾ [آل عمران: ١٣١]، وهذه النَّار وَرَدَ في صفاتها وصفات العذاب فيها في الكتاب والسُّنَّة ما تقشعِرُّ منه الجلودُ، والبحث فيها من عِدَّة وجوه.

الوجه الأول: هل هي موجودة الآن، أو ليست بموجودة؟

الجواب: هي موجودة؛ لأن النبيَّ عُرضت عليه النَّارُ في صلاة الكسوف وهو يُصلِّي بالنَّاسِ (١)، وكذلك في المعراج


(١) تقدم تخريجه ص (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>