للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعُلِمَ مِن قوله: «في تشهُّدِه الأخير» أنه لا تورُّك إلا في التشهُّدِ الأخير من صلاةٍ ذات تشهُّدين، والمراد التشهُّدُ الأخير الذي يعقبه السَّلام، وقولنا: «الذي يعقبه السَّلام» احترازٌ مِن التشهُّدِ الأخير الذي لا يعقبه سلام، كما لو سُبِقَ المأمومُ بركعة، وجَلَسَ مع إمامه في تشهُّدِه الأخير؛ فإنه لا يتورَّك لأن تشهُّدَه هذا لا يعقبه سلام.

ولكن ههنا مسألة؛ وهي أنه يجب على الإنسان الذي يفعل هذه العبادات المتنوِّعة أن يكون على يقين منها، فإن شكَّ رَجَعَ إلى ما يتيقَّنُه، فمثلاً: حديث ابن عباس في التشهُّدِ (١)، وحديث ابن مسعود (٢)، بينهما بعض الاختلاف فأحياناً ينسى الإنسان ما جاء في حديث ابن عباس، وحينئذ يقتصر على الذي يعلم، كما قلنا في القراءات الواردة في قراءة القرآن الكريم، إذا كُنتَ حافظاً لها مجيداً متقناً لها فالأفضل أن تقرأ بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة؛ ما لم يكن بحضرة العَوَام، وأما إذا كنت غير مجيد لها فإنك تقتصر على ما تعلم؛ لئلا تخلِّط في القرآن، وهكذا العبادات.

وَالْمَرْأَةُ مِثْلُهُ ............

قوله: «والمرأة مثله» أي: مثل الرَّجل؛ لعدم الدليل على التفريق بين الرَّجُل والمرأة، والأصل في النِّساء أنهن كالرِّجال في الأحكام، كما أن الأصل في الرِّجَال أنهم كالنِّساء في الأحكام.

ولهذا مَنْ قَذَفَ رجلاً ترتَّب عليه حَدُّ القَذْفِ، كما لو قَذَفَ امرأة مع أن آية القذف في النساء قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً


(١) تقدم تخريجه ص (١٦٠).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>