للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيجافي ذراعيه، ويرفعهما عن الأرض، إلا أن الفقهاء قالوا: إذا طال السُّجودُ وشَقَّ عليه؛ فله أن يعتمد بمرفقيه على ركبتيه (١)؛ لأن هذا مما فيه تيسير على المكلَّف، والشارعُ يريد منَّا اليُسر، ومن ثم شُرعت جلسة الاستراحة لمن يتثاقل أن ينهض بدون جلوس.

وَعَبْثُهُ، ..........

قوله: «وعبثه» أي: يُكره عبث المصلِّي، وهو تشاغله بما لا تدعو الحاجة إليه، وذلك لأن العبث فيه مفاسد:

المفسدة الأولى: انشغال القلب، فإنَّ حركةَ البَدَنِ تكون بحركة القلب، ولا يمكن أن تكون حركةُ البَدَن بغير حركة القلب، فإذا تحرَّك البَدَنُ لزم من ذلك أن يكون القلب متحرِّكاً، وفي هذا انشغال عن الصَّلاة، وقد قال النبيُّ حينما نَظَرَ إلى الخميصة نظرةً واحدةً: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جَهْم، وأْتُوني بأنبجانيَّة أبي جَهْم، فإنَّها ألهتني آنفاً عن صلاتي» (٢) فيؤخذ من هذا الحديث: تجنُّب كل ما يُلهي عن الصَّلاة.

المفسدة الثانية: أنَّه على اسمه عبثٌ ولغو، وهو ينافي الجديَّة المطلوبة مِن الإنسان في حال الصَّلاة.

المفسدة الثالثة: أنه حركة بالجوارح، دخيلة على الصَّلاة، لأنَّ الصَّلاةَ لها حركات معيَّنة مِن قيام وقعود ورُكوع وسُجود.

وأما ما ذَكَرَه صاحب «الرَّوض» (٣) بقوله: لأنه


(١) «الإنصاف» (٣/ ٥١٢).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب إذا صَلَّى في ثوب له أعلام (٣٧٣)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب النظر في الصلاة (٥٥٦) (٦١).
(٣) «الروض المربع مع حاشية ابن القاسم» (٢/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>