للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً؛ ليس لهذا ضابطٌ شرعيٌّ، بل هو راجع إلى العادة.

فإذا قال قائل: كيف نرجع إلى العادة في أمرٍ تعبُّدي؟

فالجواب: نعم؛ نرجع إلى العادة؛ لأن الشرع لم يحدِّدْ ذلك.

فلم يقل الشَّارعُ مثلاً: مَنْ تحرَّك في صلاته ثلاث مرَّاتٍ؛ فصلاتُه باطلة. ولم يقل: مَن تحرَّك أربعاً فصلاتُه باطلة. ولم يقل: من تحرَّك اثنتين فصلاتُه باطلة. إذاً؛ يُرجع إلى العُرف، فإذا قال النَّاس: هذا عَمَلٌ ينافي الصَّلاة؛ بحيث مَن شاهد هذا الرَّجُل وحركاته؛ يقول: إنه لا يُصلِّي. حينئذٍ يكون مستَكْثَراً، أما إذا قالوا: هذا يسيرٌ، فإنه لا يضرُّ، ولنضربْ لذلك أمثلة:

لو كان مع الإِنسان وهو يُصلِّي صبيٌّ؛ فَحَمَله من أجل أن يُمسك عن الصِّياح فَيَسْلَم الصبيُّ من الأذى، ويُقْبِلَ هذا الرَّجلُ على صلاته؛ فَحَمَلَ الصبيَّ، وجعل إذا رَكَعَ وَضَعَه، وإذا سَجَدَ وضعه، وإذا قام حمله. فعندنا عدَّة حركات، حركة الحَمْل، وحركة الرَّفع، وحركة الوضع، وربما نقول: وتَحمُّلُ الحِمْل؛ لأن الصبيَّ إذا كان كبيراً فَسيَثْقُلُ على المصلِّي، فكلُّ هذا نعتبره يسيراً لا يبطل الصلاة، لأنَّ مثله حَصَلَ من النبيِّ ﷺ (١).

مثال آخر: قَرَعَ عليه الباب رَجُلٌ، والباب قريب، فتقدَّم وهو مستقبل القِبْلة، أو تأخَّر وهو مستقبل القِبْلة، أو ذهب على اليمين وهو مستقبل القِبْلة، أو على اليسار وهو مستقبل القِبْلة فَفَتَحَ


(١) وهو حَمْلُ النَّبيِّ ﷺ أُمامةَ بنت زينب، وقد تقدم تخريجه ص (٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>