للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء (١): بل إذا قرأ في الرُّكوع أو في السُّجود بطلت، وبه قال بعض الظاهرية.

واستدلُّوا: بأن النبيَّ نُهيَ أن يقرأ القرآنَ وهو راكعٌ أو ساجدٌ (٢)، والأصل في النَّهي التحريم، وعلى هذا؛ فتكون قراءة القرآن في الرُّكوع أو السُّجود حراماً، ومعلوم أن الإِنسان إذا فَعَلَ ما يحرم في العبادة فسدت.

لكن الجمهور قالوا: هذا ليس محرَّماً بعينه، لكنه محرَّم باعتبار موضعه، بخلاف الكلام، فالكلام في الصَّلاة لا شكَّ أنه يبطل الصَّلاة؛ لأنه محرَّم بعينه، أما هذا؛ فالأصل أن القراءة غير محرَّمة في الصَّلاة بل مشروعة في موضعها، لكن النَّهي عن كونها في هذا الموضع فقط، فلم يكن ذلك مبطلاً للصَّلاة، وهذا هو الرَّاجح، أعني: أنها لا تبطل.

تتمة: ولو فَعَلَ المستحب في غير موضعه؛ بأن رَفَعَ يديه في الانحدار إلى السجود ناسياً؛ فهل يُشرع السُّجود؟

الجواب: لا يُشرع السُّجود؛ لأنه إذا لم يُشرع السُّجود لتركه وهو نقص في ماهيَّة الصَّلاة؛ فلا يُشرع لفعله مِن باب أَوْلَى، لكنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه من جنسها، إلا أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ في باب سجود السَّهو أنه إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه، فإنه يُسنُّ له أن يسجد للسَّهو، كما لو قال: «سبحان رَبِّيَ الأَعلى» في الرُّكوع، ثم ذَكَرَ فقال: «سبحان رَبِّي العظيم» فهنا أتى


(١) «المجموع» (٣/ ٣٨٦)، «الإنصاف» (٤/ ٢٢ ـ ٢٣).
(٢) تقدم تخريجه ص (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>