للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد: إذا قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر، ومن المعلوم أنه إذا قام إلى ثالثة في صلاة الفجر متعمِّداً بطلت صلاته بالإجماع، فكذلك إذا قام إلى ثالثة في التطوُّع في صلاة الليل فإنَّ صلاته تبطل إنْ كان متعمِّداً، وإنْ كان ناسياً وَجَبَ عليه الرُّجوع متى ذَكَرَ، ويسجد للسَّهوِ بعد السَّلام من أجل الزِّيادة، وبه نفهم جهل من يتعمَّد في التَّراويح في رمضان إذا قام إلى ثالثة ثم ذَكَرَ أن يستمرَّ، ثم يفتي نفسه ويقول: «إن استتمَّ قائماً كُرهَ الرُّجوع» «وإن شرعَ بالقراءة حُرِّمَ الرُّجوع» فيكون جاهلاً جهلاً مركَّباً، لأن هذا الحكم فيمن قام عن التشهُّد الأول، أما من قام إلى زائدة فحكمه وجوب الرُّجوع مطلقاً.

والجهل المركَّب ضرره عظيم، فإن الجاهل المركَّب يرى أنه على حقٍّ فهو يمدُّ يداً طويلة، وربما يعتقد أنه أعلمُ من الإمام أحمد وابن تيمية، وهو كما قال حمار تُوما:

قال حِمَارُ الحكيم تُوما

لو أنصفَ الدَّهرُ كنتُ أَرْكَبْ

وتوما رَجُلٌ يدَّعي الحكمةَ، ويركب على الحِمَار، فقال الحِمَارُ: لو أنصفَ الدَّهرُ كنت أركبُ، وعَلَّلَ ذلك بقوله:

لأَنَّني جَاهلٌ بَسيط

وصَاحبي جَاهلٌ مُركَّبْ

والجاهلُ البسيط؛ حاله أكمل مِن الجاهل المُركَّب.

وذُكِرَ لي أنَّ بعضَ الناس يطرد هذه القاعدة فيما إذا قام إلى خامسة في الظُّهر فيقول: إذا شرع بالقراءة حُرِّمَ الرُّجوعُ، وهذا كُلُّه خطأ، بل مَنْ قام إلى زائدة وجب عليه الرُّجوع متى ذَكَرَ، وإنْ كان قد شَرَع في القِراءة، وإذا قام إلى ثالثة في النَّهار، فمقتضى

<<  <  ج: ص:  >  >>