للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدَّليل على ذلك: حديث سلمان الفارسي ﵁ وهو في «صحيح مسلم» قال: «نهى رسولُ الله ﷺ أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار» (١).

والعِلَّة في أمره ﷺ بثلاثة أحجار: لأجل أن لا يُكرِّر الإِنسانُ المسحَ على وجه واحد؛ لأنَّه إِذا فعل ذلك لا يستفيدُ، بل ربما يتلوَّث زيادة.

مُنْقِيَةٍ فأكثر ولو بحَجَرٍ ذي شُعبٍ ............

قوله: «مُنْقِيَة»، هذا هو الشَّرط السَّادس، والإِنقاء هو أن يرجعَ الحجرُ يابساً غير مبلول، أو يبقى أثرٌ لا يزيله إلا الماء.

قوله: «فأكثر»، يعني: أن يمسحَ ثلاثَ مسحات، فإِن لم تُنْقِ الثَّلاث زاد عليها.

وقال بعض العلماء: إذا أنقى بدون ثلاث كفى (٢)؛ لأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته. وهذا القول يُرَدُّ بأنَّه ﷺ نهى أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار، وإِذا نهى عن ذلك فإِنَّه يجب أن لا نقع فيما نهى عنه. وأيضاً: الغالب أنَّه لا إِنقاء بأقلَّ من ثلاثة أحجار؛ ولأنَّ الثَّلاثة كمِّيَّةٌ رتَّبَ عليها الشَّارع كثيراً من الأحكام.

قوله: «ولو بحَجَر ذي شُعبٍ»، «لو»: إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء قال: لا بُدَّ من ثلاثة أحجار (٣)؛ مقتصراً في ذلك على الظَّاهر من الحديث، ولا شَكَّ أن هذا أكمل في الطَّهارة، إِذ إِنَّ الحجَر ذا الشُّعب قد يكون في أحد جوانبه شيء من المسحة


(١) تقدم تخريجه، ص (١٣٠).
(٢) انظر: «المغني» (١/ ٢٠٩)، «المجموع شرح المهذب» (٢/ ١٠٣).
(٣) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٢٣٠)، «المحلى» (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>