للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التعليل: فهو أنَّ قراءةَ الفاتحةِ إنَّما تجبُ في حالِ القيامِ، والقيامُ هنا سَقَطَ ضرورةَ مُتابعةِ الإمامِ؛ فلمَّا سَقَطَ عنه القيامُ سَقَطَ عنه الذِّكرُ الواجبُ فيه، وهو قِراءةُ الفاتحةِ.

وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ ........

قوله: «ولا قراءة على مأموم» أي: لا يجب على المأموم أن يقرأَ مع الإِمامِ لا في صلاة السِّرِّ ولا في صلاة الجهرِ. وعلى هذا؛ فلو كَبَّر المأمومُ مع الإمامِ في أوَّلِ ركعة، وسكتَ حتى رَكَعَ الإمامُ، ثم تَابَعَ الإمامَ، وقامَ للرَّكعةِ الثانيةِ، وسكت حتى رَكَعَ الإمامُ، ثم في الثالثة والرابعة، قلنا له: إن صلاتَك صحيحةٌ؛ لأنَّه ليس على المأمومِ قراءةٌ لا فاتحةٌ ولا غير فاتحة.

والدليلُ: حديثُ: «مَنْ كان له إمامٌ فقراءةُ الإمامِ له قراءةٌ» (١)، وهذا عامٌّ يشمَلُ الصَّلاةَ السريةَ والصَّلاةَ الجهريةَ، وهو نصٌّ في أنَّ قِراءةَ الإمامِ قراءةٌ له.

ولكن؛ هذا الحديثُ لا يصحُّ عن النَّبيِّ ﷺ كما قال ابنُ كثير ﵀ في «تفسيره» (٢): «إنه رُويَ عن جابرٍ موقوفاً وهو أصَحُّ»، وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في «الفتح» (٣): «إنه ضعيفٌ عند الحُفَّاظ»، وإذا كان ضعيفاً سَقَطَ الاستدلالُ به؛ لأنَّ صحَّةَ الاستدلالِ بالحديثِ لها شرطان:

الشرط الأول: صحَّةُ الحديثِ إلى الرسول ﷺ.

الشرط الثاني: صحَّةُ الدلالةِ على الحُكمِ، فإنْ لم يصحَّ عن


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٣٠٠).
(٢) «تفسير القرآن العظيم» (الأعراف:٢٠٤).
(٣) «فتح الباري» (٢/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>