للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأمومَ يقرأْ الاستفتاحَ، ويقرأُ التعوُّذَ فيما يجهرُ فيه الإمامُ، وظاهرُ كلامِهِ : أنه يفعلُ ذلك، وإنْ كان يسمعُ قِراءةَ الإمامِ، وهذا اختيارُ بعضِ أهلِ العِلْم. قالوا: لأنَّ النَّبيَّ إنما نَهَى عن القِراءةِ فيما يجهرُ فيه الإمامُ بالقرآنِ. والاستفتاحُ والتعوذُ ليس بقراءةٍ. ولكن هذا القولُ فيه نَظَرٌ ظاهرٌ، لأنَّ الرسولَ قال: «إذا قرأَ فأنِصتُوا» (١) وهذا عامٌّ، ولأنَّه إذا أُمِرَ بالإِنصاتِ لقراءةِ الإِمامِ حتى عن قراءة القرآن، فالذِّكْرُ الذي ليس بقرآن مِن بابِ أَولى، لأننا نعلمُ أنَّ الشارعَ إنما نَهَى عن القراءةِ في حالِ قراءةِ الإمامِ مِن أجلِ الإِنصاتِ، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤].

فالصَّوابُ في هذه المسألةِ: أنَّه لا يستفتحُ ولا يستعيذُ فيما يجهرُ فيه الإمامُ، ولهذا قال في «الرَّوضِ» وغيرِه: «ما لم يسمعْ قِراءةَ إمامِهِ» فإذا سَمِعَ قراءةَ إمامِهِ؛ فإنَّه يسكتُ لا يستفتحُ ولا يَستعيذُ. وعلى هذا؛ فإذا دخلتَ مع إمامٍ وقد انتهى مِن قراءةِ الفاتحةِ، وهو يقرأُ السُّورةَ التي بعدَ الفاتحةِ، فإنَّه يسقطُ عنك الاستفتاحُ، وتقرأُ الفاتحةَ على القولِ الرَّاجحِ وتتعوَّذُ؛ لأنَّ التعوّذَ تابعٌ للقِراءةِ.

وَمَنْ رَكَعَ، أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَعَلَيهِ أَنْ يَرْفَعَ لَيَأْتِي بِهِ بَعْدَهُ ..........

قوله: «ومَن رَكَعَ، أو سَجَدَ قبل إمامِهِ فعليه أن يرفع ليأتي به بعده».

«من» أي: أيَّ مأمومٍ رَكَعَ أو سَجَدَ قبلَ إمامِهِ فعليه أن يَرْفَعَ. أي: يرجعُ مِن رُكوعِه إنْ كان راكعاً أو سجودِه إنْ كان ساجداً ليأتيَ به بعدَه.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٩٨) عند قوله: (ربنا ولك الحمد).

<<  <  ج: ص:  >  >>