للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجلسوا (١). فكونُه يُشيرُ إليهم حتى في أثناء الصَّلاةِ يدلُّ على أنَّ ذلك على سبيلِ الوجوبِ.

ونظيرُ هذا: أنَّه لمَّا قامَ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ يصلِّي معه عن يسارِه أخذَ برأسِهِ مِن ورائِهِ وجعلَه عن يمينِهِ (٢). وقد قالوا: إنَّه لا يجوزُ أنْ يقفَ المأمومُ الواحدُ عن يسارِ الإِمامِ. فنقول: هذا مثلُه، بل هنا قَوْلٌ وهو أبلغُ مِن الفِعلِ وهو قوله: «إذا صلّى قاعداً فصَلُّوا قعوداً أجمعون» (٣).

وهذا القولُ هو الصَّحيحُ، أنَّ الإِمامَ إذا صلَّى قاعداً وَجَبَ على المأمومين أن يصلُّوا قعوداً، فإن صلُّوا قياماً فصلاتُهم باطلةٌ، ولهذا يُلغزُ بها فيقال: رَجُلٌ صَلَّى الفرضَ قائماً فبطلتْ صلاتُه، فمَنْ هو؟!

والجواب: هو الذي صَلَّى قائماً خلفَ إمامٍ يصلِّي قاعداً.

والمؤلِّفُ جَزَمَ بأن الإِمامَ إذا صَلَّى قاعداً فإنَّ المأمومين يصلُّون قعوداً، إلا أنَّه اشترطَ في ذلك شرطين.

وذهبَ كثيرٌ مِن أهلِ العلمِ إلى أنَّ الإِمامَ إذا صَلَّى قاعداً وَجَبَ على المأمومين القادرين على القيامِ أن يصلُّوا قياماً. فإنْ صلُّوا قعوداً بطلتْ صلاتُهم.

واستدلُّوا لذلك:

١ ـ أن النَّبيَّ خَرَجَ في مَرَضِ موتِه والناسُ يصلُّون خلفَ


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتمَّ به (٦٨٨)؛ ومسلم، الموضع السابق (٤١٢) (٨٢).
(٢) تقدم تخريجه ص (٦٠).
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>