للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ألا يكون هذا مشروعاً؛ لأنَّه من باب التَّعاون على البِرِّ والتقوى، فلا يقتصر على الإباحة فقط، بل يُقال: إنه مشروع؟

فالجواب: لا شك أنَّه من باب التَّعاون على البِرِّ والتَّقوى، ولكن هذه عبادة ينبغي للإِنسان أن يُباشِرَها بنفسه، ولم يردْ عن النبيِّ ﷺ أنه كُلَّما أراد أن يتوضَّأ طلب من يُعينه فيه.

وقال بعضُ العلماء: تُكرَهُ إِعانةُ المتوضِّئ إلا عند الحاجة (١)؛ لأنَّها عبادة ولا ينبغي للإِنسان أن يستعينَ بغيره عليها، والمذهب أصَحُّ.

وتَنْشِيفُ أعضائِه.

قوله: «وتنشيفُ أعضائه»، التنشيف بمعنى: التجفيف.

والدَّليل: عدم الدَّليل على المنع، والأصل الإباحة.

فإن قلت: كيف تجيبَ عن حديث ميمونة ﵂ بعد أن ذكرت غُسْلَ النبيِّ ﷺ قالت: «فَنَاولتُهُ ثَوباً فلم يأخُذْهُ، فانطلق وهو يَنْفُضُ يديه» (٢).

فالجواب: أن هذا قضيَّة عين تحتمل عِدَّة أمور:

إِما لسببٍ في المنديل، كعدم نظافته، أو يُخشى أنْ يُبِلَّهُ بالماء وبلَلُه بالماء غيرُ مناسب أو غير ذلك.

وقد يكونُ إِتيانُها بالمنديل دليلاً على أنَّ من عادتِه أن ينشِّفَ أعضاءه وإلا لم تأت به.

والصَّوابُ: ما قاله المؤلِّف أنه مباحٌ.


(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٣٦٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب الغسل: باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة، رقم (٢٧٦) واللفظ له، ومسلم، كتابُ الحيض: باب صفةُ غُسْلِ الجنابةِ، رقم (٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>