للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «لغير حاج بها» الباء بمعنى في، وقوله «لغير حاج بها» اشترط المؤلف شرطين: الأول: لغير حاج، الثاني: بها، أي: في عرفه، فظاهره أنه لو كان الحاج في غير عرفة، مثل أن يصادفه يوم عرفة في الطريق، ولم يصل إلى عرفة إلا في الليل، فظاهر كلام المؤلف أن صوم هذا اليوم مشروع، وظاهره أيضاً أنه لو كان الإنسان بعرفة لكنه لم يحج مثل العمال وشبههم فإنه يصوم، فالحاج في عرفة لا يصوم وليس مشروعاً له الصوم لأن النبي : «نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة» (١) وهذا الحديث في صحته نظر، لكن يؤيده أن الناس شَكُّوا في صومه يوم عرفة، فأرسل إليه بقدح من لبن فشربه ضحى يوم عرفة والناس ينظرون إليه (٢)، ليتبين لهم أنه لم يصم؛ ولأن هذا اليوم يوم دعاء وعمل، ولا سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر اليوم وهو في كسل وتعب، لا سيما في أيام الصيف وطول النهار وشدة الحر، فإنه يتعب وتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم، والصوم يدرك في وقت آخر؛ ولهذا فالصواب أن صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فهو سنة مؤكدة.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٤، ٤٤٦)؛ وأبو داود في الصيام/ باب في صوم يوم عرفة (٢٤٤٠)؛ والنسائي في «الكبرى» (٢٨٤٣) وابن ماجه في الصيام/ باب صوم يوم عرفة (١٧٣٢)؛ وابن خزيمة (٢١٠١) عن أبي هريرة ، وفي إسناده مهدي بن حرب الهجري، وهو ضعيف، انظر: «التلخيص» (٩٢٩).
(٢) أخرجه البخاري من الصوم/ باب صوم يوم عرفة (١٩٨٨)؛ ومسلم في الصيام/ باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة (١١٢٣) عن أم الفضل بنت الحارث .

<<  <  ج: ص:  >  >>