للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقول النبي : «حين سئل عن الحج أفي كل عام؟ قال: الحج مرة، فما زاد فهو تطوع» (١). إلا لسبب كالنذر، فمن نذر أن يحج وجب عليه أن يحج؛ لقول الرسول : «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (٢).

ولأن الحكمة والرحمة تقتضي ذلك، لأنه لو وجب أكثر من مرة لشق على كثير من الناس لا سيما في الأماكن البعيدة، ولا سيما فيما سبق من الزمان، حيث كانت وسائل الوصول إلى مكة صعبة جداً، ثم لو وجب على كل واحد كل سنة، لامتلأت المشاعر بهم ولم تكفهم منى ولا مزدلفة ولا عرفة.

وقوله : «مرة»، يستفاد منه فائدة عظيمة، وهي أن من مر بالميقات، وقد أدى الفريضة فإنه لا يلزمه الإحرام، وإن طالت غيبته عن مكة.

مثاله: شخص له أربع سنين، أو خمس سنين لم يذهب إلى مكة، ثم ذهب إليها لحاجة تجارة، أو زيارة، أو ما أشبه ذلك، ومرَّ بالميقات، فإنه لا يلزمه أن يحرم؛ لأن الحج والعمرة إنما يجبان مرة واحدة، ولو ألزمناه بالإحرام لألزمناه بزائد عن المرة، وهذا خلاف النص.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٩٠)، وأبو داود في المناسك/ باب فرض الحج (١٧٢١)؛ والنسائي في الحج/ باب وجوب الحج (٥/ ١١١)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب فرض الحج (٢٨٨٦)؛ والحاكم (٤٤١١) عن ابن عباس وقال الحاكم: «إسناده صحيح، ولم يخرجاه»، وأقره الذهبي.
(٢) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور/ باب النذر في الطاعة (٦٦٩٦) عن عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>