للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: لأن بعض العلماء يقول: إنه طاهر غير مطهِّر (١). فيرون أن هذا التغيُّر يسلبه الطَّهوريَّةَ فصار التَّعليل بالخلاف، فمن أجل هذا الخلاف كُرِهَ.

والصَّواب: أن التَّعليل بالخلاف لا يصحُّ؛ لأنَّنا لو قُلنا به لكرهنا مسائل كثيرة في أبواب العلم، لكثرة الخلاف في المسائل العلمية، وهذا لا يستقيم.

فالتعليل بالخلاف ليس علَّة شرعية، ولا يُقبل التَّعليل بقولك: خروجاً من الخلاف؛ لأنَّ التَّعليل بالخروج من الخلاف هو التَّعليل بالخلاف. بل نقول: إن كان لهذا الخلاف حظٌّ من النَّظر، والأدلَّة تحتمله، فنكرهه؛ لا لأنَّ فيه خلافاً، ولكن لأنَّ الأدلَّة تحتمله، فيكون من باب «دَعْ ما يَرِيبُك إلى ما لا يَريبُك» (٢).

أما إذا كان الخلاف لا حَظَّ له من النَّظر فلا يُمكن أن نعلِّلَ به المسائل؛ ونأخذ منه حكماً.

فليس كلُّ خلافٍ جاء مُعتَبراً إِلا خلافٌ له حظٌّ من النَّظر (٣)


(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٣٩).
(٢) رواه أحمد (١/ ٢٠٠)، والنسائي، كتاب الأشربة: باب الحث على ترك الشبهات، (٨/ ٣٢٨)، والترمذي، كتاب صفة القيامة، رقم (٢٥١٧)، والحاكم (٢/ ١٣)، وابن حبان رقم (٧٢٢) عن أبي الحوراء، عن الحسن بن عليّ به.
والحديث صحَّحه: الترمذيُّ، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن حجر.
وله شواهد من حديث أنس، وابن عمر، وأبي هريرة، وواثلة.
انظر: «جامع العلوم والحكم» الحديث الحادي عشر، «نتائج الأفكار» (٢/ ١٣٩).
(٣) البيت لأبي الحسن ابن الحصَّار. وهو علي بن محمد بن محمد ـ وهذا البيت هو الأخير في قصيدة له في معرفة المكي والمدني من السُّور، ضمَّنها كتابه «الناسخ والمنسوخ». انظر: «الإِتقان» (١/ ١١، ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>