للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد الرسول ﷺ وربما من قبل، كان الناس إذا نفروا أسرعوا، وللإسراع في ذلك الوقت وجه؛ لأن الدروب وعرة، والليل قد أسدل ظلامه، فكانوا يحرصون على السرعة من أجل مبادرة الوقت، بل قد كانوا في الجاهلية يدفعون قبل أن تغرب الشمس إذا صارت الشمس على الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال دفعوا اغتناماً لضوء النهار.

ومزدلفة هي المشعر الحرام بين عرفة ومنى، سميت بذلك لأنها أقرب المشعرين إلى الكعبة، ولقبت بالمشعر الحرام لإخراج المشعر الحلال وهو عرفة، وتسمى «جمعاً» لاجتماع الناس فيها، ففي الجاهلية لا يجتمع الحجاج جميعاً، إلا في مزدلفة؛ لأن عرفة يتخلف عنها قريش، والسكينة هنا الهدوء والرفق.

قوله: «ويسرع في الفجوة»، أي: إذا أتى متسعاً أسرع؛ لأن ذلك أرفق به حتى يصل إلى مزدلفة مبكراً، وكان من هدي النبي ﷺ في دفعه أنه إذا وجد فجوة نص، أي: أسرع كما أنه إذا أتى حبلاً من الحبال أرخى لناقته قليلاً من أجل أن تصعد، لأن الناقة إذا شُدَّ زمامها شق عليها الصعود، فإذا أرخى لها سهل عليها الصعود، وفي مراعاة النبي ﷺ ناقته في السير دليل على حسن رعايته حتى للبهائم وأنه ينبغي الاقتداء به في ذلك.

قوله: «ويجمع بها بين العشاءين»، أي: إذا وصل إلى مزدلفة، ولا يصل إلى مزدلفة إذا دفع بصفة دفع الرسول ﷺ إلا بعد دخول وقت العشاء.

ولهذا كان جمع النبي ﷺ في مزدلفة جمع تأخير؛ لأنه في

<<  <  ج: ص:  >  >>