للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتمل أن الرسول فعل هذا لأنه أيسر له أو أنه عطش بعد الطواف، أو ليستعد للسعي، لكن اشرب فهو خير.

مسألة: القول بأن يشرع شرب ماء زمزم واقفاً ليس بصواب لأن النبي إنما شرب واقفاً لضيق المكان، فإن الدلو إذا رفع للنبي فالمكان واسع ولكنه لو جلس لضاق المكان.

قوله: «لما أحب» اللام للتعليل، أي: أن ينويه لما أحب، فإذا كان مريضاً وشرب من أجل أن يذهب مرضه فليفعل ويشفى بإذن الله، وإذا كان عطشان وشرب لأجل الري فليفعل ويروى بإذن الله، وإذا كان كثير النسيان فشرب ليقوى حفظه فليفعل، وقد فعل ذلك بعض المحدثين، لقول النبي : «ماء زمزم لما شرب له» (١)، والحديث حسن، وهذا فيه تردد، أما شربه لإزالة العطش فواضح، ولرفع الجوع واضح، وللمرض واضح، لأن المرض علة بدنية عضوية يمكن أن يزول بشرب زمزم كما يزول العطش والجوع، لكن المسائل المعنوية العقلية، الإنسان يشك في هذا، إلا أن نقول: لا يضرك، انوِ ما تريد، إن كان الحديث يتناوله حصل المقصود، وإلا لم تأثم، لو شربه الفقير للغنى؟ نقول: إذا كنا نتردد في شربه للحفظ فمن باب أولى للغنى، ولو شربه إنسان خطب امرأة وهو بين الرد والإجابة، وشربه لأجل أن يجيبوه إذا أخذنا بالعموم قلنا: «لما شرب له»، ولكن مثل هذا لا يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن النبي أراده؛ لأن هذه لا علاقة لها بالبدن الذي يستفيد بالشرب.


(١) سبق تخريجه ص (٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>