للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً لو قلنا: إن القرض بيع، ما صح القرض في الأموال الربوية؛ لأنه يؤدي إلى تأخير القبض بإقراض الشيء بجنسه، ومعلوم أن تأخير القبض في بيع الشيء بجنسه حرام وربا.

إذا قال قائل: ما الذي أخرج القرض عن البيع، وهو مبادلة مال بمال؟

قلنا: أخرجه قول النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (١)، فما الذي نواه المقرض، هل نوى المعاوضة والاتجار أو نوى الإرفاق؟ الجواب: الثاني، فهو نوى الإرفاق، ومن أجل أنه نوى الإحسان صار مقابلاً لنية المرابي؛ لأن الأصل في الربا هو الظلم كما قال تعالى: ﴿فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩]، فصار القرض على نقيض مقصود الربا، إذ إن المقصود منه الإرفاق، فلذلك خرج عن كونه بيعاً.

إذاً ما الدليل على خروج القرض من البيع؟

الجواب: قول النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، وذلك أن المقرض والمستقرض لم ينو أحد منهما المعاوضة، إنما قصد المقرض الإرفاق وقصد المستقرض سد حاجته، ولهذا صار القرض ليس بيعاً، وقد سبق أننا لو جعلنا القرض بيعاً لبطل القرض في جميع الربويات بجنسها.

وَيَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ. ....

قوله: «وينعقد» أي البيع، والانعقاد ضد الانحلال، والعقد بمعنى الإحكام وربط الشيء بعضه ببعض، تقول: عقدت الحبل أي: ربطت بعضه ببعض، وكلمة: «ينعقد» وصف لجميع العقود،


(١) سبق تخريجه ص (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>