للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «كالبغل والحمار» البغل، حيوان متولد بين الحمار والفرس، وهو أن ينزو الحمار على الفرس فتلد ما يسمى بالبغل، وفيه من طبائع الحمير ومن طبائع الخيل، وحكمه أنه حرام؛ لأنه متولد من حلال وحرام على وجه لا يتميز فغُلبَ جانب التحريم.

فإذا قال قائل: كيف نغلب جانب التحريم؟ ولماذا لا نغلب جانب الحل؟

العلماء يقولون: إذا اجتمع موجب التحليل والتحريم على وجه لا تمييز بينهما غلب جانب التحريم؛ لأن اجتناب الحرام واجب، ولا يمكن اجتنابه إلا باجتناب الحلال، واجتناب الحلال حلال، فأنا إذا اجتنبت الحلال لا حرج عليَّ، لكن لو فعلت الحرام فعلي الإثم؛ لهذا غلب جانب التحريم.

وقيل: إن البغل حرام لكن يجوز بيعه؛ لأنه ما زال المسلمون يتبايعون البغال من عهد الرسول ﷺ إلى يومنا هذا، وكذلك الحمار يجوز بيعه، والدليل الإجماع، فالمسلمون مجمعون على بيع الحمير من عهد الرسول ﷺ إلى يومنا هذا.

فإن قال قائل: يشكل على ذلك قول الرسول ﷺ: «إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه» (١) والبغل حرام والحمار حرام؟

فنقول: حرم ثمنه، أي ثمن ذلك المحرم، ولهذا لو اشترى


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٤٧، ٢٩٣، ٣٣٢)؛ وأبو داود في البيوع/ باب في ثمن الخمر والميتة (٣٤٨٨)؛ وابن حبان (٤٩٣٨) إحسان، والطبراني (١٢٨٨٧)؛ والبيهقي (٦/ ١٣) عن ابن عباس ﵄. وصححه ابن حبان، وقال ابن القيم في «الهدي» (٥/ ٧٤٦): «إسناده صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>