للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغُسْل يصدق بواحدة، ولأن النبيَّ ﷺ ثبت أنه توضَّأ مرَّةً مرَّةً (١). فالثانية، والثالثة طهارة مستحبَّة، فالماء المستعمل فيهما يكون طَهُوراً مع الكراهة، والعِلَّةُ هي: الخلاف في سلبه الطَّهورية (٢).

والصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع.

ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾ [النحل: ١١٦]، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله ﷿ يحبُّ التَّيسير لعباده.

وإن بلغ قُلَّتين وهو الكثيرُ ..........

قوله: «وإن بلغ قُلتين»، الضَّمير يعود على الماء الطَّهور.

والقُلَّتان: تثنية قُلَّة. والقُلَّة مشهورة عند العرب، قيل: إنها تَسَعُ قِربتين ونصفاً تقريباً.

قوله: «وهو الكثير»، جملة معترضة بين فعل الشَّرط وجوابه.

أي: إِن القُلَّتين هما الكثير بحسب اصطلاح الفقهاء،


(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب الوضوء مرّة مرّة، رقم (١٥٧) من حديث ابن عباس.
(٢) انظر: «الإِنصاف» (١/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>