للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمَةِ أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْلِ.

وقال بعض العلماء: لا يَجِب الغُسْل بذلك (١)، واستدلَّ على ذلك بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ ﷺ أمر عامٌّ مثل: مَنْ أسلم فَلْيَغْتَسِلْ، كما قال: «من جاء مِنْكُم الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل» (٢)، وما أكثر الصَّحابة الذين أسلموا، ولم يُنْقَل أنه ﷺ أمرهم بالغُسْلِ أو قال: من أسلم فليغتسل، ولو كان واجباً لكان مشهوراً لحاجة النَّاس إليه.

وقد نقول: إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل، لأنَّ أَمْرَ النبيِّ ﷺ واحداً مِنَ الأمَّة بحُكْمٍ ليس هناك معنى معقول لتخصيصه به أمْرٌ للأمة جميعاً، إذ لا معنى لتخصيصه به. وأمْرُه ﷺ لواحد لا يعني عدم أمْرِ غيره به.

وأما عدم النَّقل عن كلِّ واحد من الصَّحابة أنه اغتسل بعد إِسلامه، فنقول: عدم النَّقل، ليس نقلاً للعدم؛ لأنَّ الأصلَ العملُ بما أمر به النبيُّ ﷺ، ولا يلزم أن يُنْقلَ العمل به من كلِّ واحد.


(١) انظر: «الإِنصاف» (٢/ ٩٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب الجمعة: باب فضل الغسل يوم الجمعة، رقم (٨٧٧)، ومسلم، كتاب الجمعة، رقم (٨٤٤) من حديث عبد الله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>