للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو اختيار شيخ الإسلام؛ لأن هذا لا ينافي مقتضى العقد بل هو من تمام مقتضى العقد؛ لأن المقصود بالقرض الإرفاق والإحسان وإذا أجلته صار ذلك من تمام الإحسان، فالأرفق للمقترض التأجيل، ومن وجه آخر أن الله تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، وهذا عقد شرط فيه التأجيل فيجب أن يُوفى به؛ لأن أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصلها والوفاء بوصفها، وهو الشروط التي تشترط فيها؛ وقال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: ٣٤]، والمقرض الذي أجله قد تعهد ألا يطالب إلا بعد انتهاء الأجل فيكون هذا العهد مسؤولاً عنه عند الله؛ ولأن النبي قال: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» (١)، فعلم من ذلك أن الشرط الذي لا ينافي كتاب الله فليس بباطل، ولقول النبي : «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً» (٢)؛ ولأن المطالبة به وهو مؤجل إخلاف للوعد، وإخلاف الوعد من سمات المنافقين، فكل هذه الأدلة تدل على أنه إذا كان مؤجلاً وجب أن يبقى مؤجلاً؛ ولأنه ربما يكون في ذلك ضرر عظيم على المستقرض.

مثلاً: هذا الرجل أقرضني خمسين ألفاً لشراء سيارة أنتفع بها، فاشتريت السيارة على أن القرض مؤجل إلى سنة، فعلى


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب الشراء والبيع مع النساء (٢١٥٥)، ومسلم في العتق/ باب بيان أن الولاء لمن أعتق (١٥٠٤) (٨) عن عائشة .
(٢) سبق تخريجه ص (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>