للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «ويعتبر رضاه» هذا هو الشرط الثالث من شروط صحة الحوالة.

والدليل على ذلك أن الله ـ تعالى ـ قال: ﴿إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، فالرضا لا بد منه في جميع العقود حتى عقد النكاح ـ على القول الراجح ـ فيما إذا كانت البنت بكراً.

قوله: «لا رضا المحال عليه» المحال عليه لا يعتبر رضاه، فلو أحال رجل بدينه على آخر، وقال المحال عليه: لا أقبل؛ لأن المحتال رجل سيئ الطلب، ويتعب المطلوب، أنا أريد الأول؛ لأنه أسهل وأيسر، فلا يملك ذلك، قال العلماء: لأنه ـ أي: صاحب الحق ـ يملك استيفاءه بنفسه وبوكيله، والمحتال كأنه وكيل، فكما أن لصاحب الحق أن يوكل رجلاً خصماً لدوداً في استيفاء حقه فله أن يحيله أيضاً.

وإذا امتنع المحيل عن الحوالة لكونه فقيراً، فهل يملك صاحب الدين أن يجبره على إحالته على دينه في ذمة غني؟

الجواب: على كلام المؤلف لا يملك؛ لأنه يشترط رضاه على كل حال.

فلو قال الدائن: أنت الآن ليس عندك شيء، لكن لك في ذمة فلان الغني الباذل كذا وكذا، فأحلني عليه، فقال: لا أحيلك، فإنه لا يلزمه، لكن لو رأى القاضي أن إحالته لا بد منها فله ذلك، ونظير هذا، لو أن المدين غيَّبَ ماله وقال: ليس عندي شيء، وكان عنده مال، لكنه غيبه وكتمه، فإنه يُلزم بأن يظهر هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>