للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصواب أنه يضمن ولكنه في هذه الحال يُجعل ما ضمنه في بيت المال، ويُحْرَمُ إياه صاحبها ولا يعطى شيئاً؛ لأنها تلفت بقولٍ من صاحبها وقد رضي بتلفها عليه، لكننا نُضَمِّنُ هذا الذي وافقه على المعصية ونجعل ما ضمنه في بيت المال، هذا هو القول المتعين، وعليه يحمل قول من قال من الأصحاب: إنه يضمن، ويجعل في بيت المال جزاءً لصاحبها وعقوبة له.

قوله: «وإن عين جيبه فتركها في كمه أو يده» وتلفت.

قوله: «ضمن» أي: المودَع، بأن قال المودِع: اجعلها في جيبك يعني في المخباة التي في الجيب، ولكنه جعلها في كمه.

فإن قيل: كيف يجعلها في كمه والكم على قدر الذراع؟

فيقال: هذا كان معروفاً عند الناس فيما سبق، أن الرجل له أكمام ضافية واسعة من أجل أن يضعوا حوائجهم فيها.

فإذا عيَّن الجيب فربطها في كمه فسرقت، فعليه الضمان؛ لأن الجيب أحفظ؛ لأن الجيب لا يكاد أحد يقدم عليه؛ لأنه أمام الإنسان وعلى صدره، بخلاف الكم فإنه يمكن أن يتغافله إنسان ويحله ويأخذ ما فيه، على أن بعض السراق عندهم مهارة فائقة؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يتفطن لهم وأن يحترز، ولا يمكن أن يدرأ شر هؤلاء السراق إلا حُكْم أحكم الحاكمين ألا وهو قطع اليد، فلو قطعت أيدي السراق ما أقدم أحد على السرقة؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يُرخِص يده في شيء من المال.

وقوله: «أو يده» فتلفت فعليه الضمان.

فإذا قال قائل: أليس كونها في يده أحرز من كونها في جيبه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>