للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهم إذا دفعها إلى من يحفظ ماله فتلفت فإنه لا يضمن، إلا إذا نص صاحبها عليه وقال: لا تعطها أحداً، هي مني إليك ومنك إلي، فهنا يضمن؛ لأنه عين حرزاً أقوى من حرز العادة، وقد سبق أنه إذا عين حرزاً فإنه يتعين، فإذا قال: لا تعطها أحداً، لا الخادم، ولا الولد، فحينئذٍ إذا دفعها إلى من يحفظ ماله، فهو ضامن؛ لأنه أقل حفظاً من المودَع.

قوله: «أو مال ربها لم يضمن» أي إذا دفعها المودَع إلى من يحفظ مال ربها لم يضمن، فهذا المودَع كأنه مَلَّ من الوديعة وأراد أن يردها، فردها لمن يحفظ مال صاحبها، مثل أن يردها إلى خدم المودِع، أو إلى غلامه، أو إلى أهله فإنه لا ضمان عليه، مع أنه لم يقل له: ادفعها إلى أهلي، ولم يوكل أهله في قبضها، وهذه المسألة فيها خلاف، فمن العلماء من يقول: إنه إذا دفعها إلى من يحفظ مال ربها بغير إذن ربها فإنه ضامن؛ لأنه لم يُوَكَّل في دفعها إلى غيره؛ ولأن صاحب الوديعة قد لا يأتمن أهله أو خدمه عليها؛ لأنهم مفرطون، والذي ينبغي أن يرجع في ذلك إلى العرف، فما جرى به العرف اتبع وما لم يجرِ به العرف لم يُتَّبع، فالأشياء الثمينة جرت العادة أنها لا ترد الوديعة منها إلا إلى صاحبها بنفسه، والأشياء العادية كالأواني والفرش والبهائم جرت العادة أنه يتولى قبولها عند ردها من يحفظ مال ربها، فيرجع في ذلك إلى العرف، فما جرى العرف بأنه يدفع إلى من يحفظ مال ربها فدفعها إليهم، فلا ضمان عليه؛ وما جرى العرف بأنه لا بد أن يسلم إلى نفس المودِع فإن عليه الضمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>