للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثار إحياء سابقة، حتى إنه عندنا هنا قريب من الوادي عثروا مرة على سوق كله رماد وقطع حديد، مما يدل على أن هذا السوق كان سوق الصناع في هذا المكان، لكنه باد وذهب أهله ولم يعرف له مالك، فهذه تدخل في كلام المؤلف في قوله: «ملك معصوم»؛ لأن هذه الأراضي البائدة الآن ليس لها مالك فتدخل.

والشح في الأراضي شديد، والاعتداء عليها عقابه شديد، فقد قال النبي : «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوِّقَه يوم القيامة من سبع أرضين» (١) أي يُجعل طوقاً في عنقه من سبع أرضين، وليس من أرض واحدة؛ لأنه ظلم، حتى إن العلماء قالوا: لا يجوز للإنسان أن يزيد في تلييس الجدار أكثر مما جرت به العادة؛ وذلك لأنه يأخذ بهذه الزيادة من السوق، والسوق مشترك، فإلى هذا الحد حذر العلماء من التعدي على الأرض، لكن على كل حال إذا وجدنا أرضاً منفكة عن الاختصاصات وملك معصوم فمن أحياها ملكها، ولهذا قال المؤلف:

«فمن أحياها ملكها» «مَنْ» شرطية، وفي أصول الفقه أن أسماء الشرط من صيغ العموم، إذاً فتعم كل من أحياها، وسيأتي إن شاء الله بيان الإحياء.

وقوله: «ملكها» أي: دخلت في ملكه قهراً؛ لأن ملكها عُلِّق


(١) أخرجه البخاري في المظالم/ باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض (٢٤٥٢)؛ ومسلم في البيوع/ باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (١٦١٠) عن سعيد بن زيد واللفظ لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>