للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاج إلى إذن في القبض، حتى المغصوب، فالعلماء يقولون: لو أن رب المال قال للغاصب: قد وهبتك ما غصبت، لزمت بمجرد القول؛ لأنها عنده.

ولو أن الواهب مات بعد أن وهب الهبة ولم يقبضها الموهوبُ له، فهل تلزم الهبة؟ لا تلزم؛ لأن الموهوب له لم يقبضها، والمال يرجع إلى الورثة؛ لأنها هبة لم تلزم، ولو وهب شيئاً ولم يُقبِضه ثم باعه فإن البيع يصح؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإذا لزمت بالقبض فإن الملك يكون من عقد الهبة، ونظيره إذا بعت عليك سلعة، فما دمنا في مجلس العقد فلكل واحد منا الخيار، فإذا تفرقنا لزم البيع، ويكون دخول ملك المبيع للمشتري من حين العقد لا من حين التفرق، وعلى هذا فإذا قلنا: إن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإنه ما دام لم يقبضها الموهوب له فللواهب الرجوع، فإذا قبضها فهي ملك الموهوب له، وملكه من العقد، فصارت تملك بالعقد، ولا تلزم إلا بالقبض.

وعلى هذا فلو نَمَتْ فالنماء من نصيب الموهوب له، ويجب على الواهب أن يرده إلى الموهوب له.

وَوَارِثُ الوَاهِبِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِلَفْظِ الإِحْلالِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوِ الهِبَةِ وَنَحْوِهَا بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَتَجُوزُ هِبَةُ كُلِّ عَيْنٍ تُبَاعُ، وَكَلْبٍ يُقْتَنَى ......

قوله: «ووارث الواهب يقوم مقامه» يعني في الإقباض وعدمه، فإذا مات الواهب بعد الإيجاب والقبول قبل أن يسلمها، فلورثته الحق في أن يمنعوا التسليم ولهم أن ينفذوها ويسلموها.

وعلم من قوله: «ووارث الواهب» أن وارث المتَّهب لا يقوم مقامه، وعلى هذا فلو وهب شيئاً لشخص ثم مات الموهوب له قبل القبض، بطلت الهبة؛ لأنه تعذر قبضه بعد أن مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>