للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان له على شخص دَينان أحدهما (بُرٌّ) والآخر (شعير) فأبرأه من أحدهما، فظاهر كلام المؤلف أنه لا يبرأ؛ لأنه لم يعين الدَّين الذي أبرأه منه.

والصواب: أنه يبرأ من أحدهما، ويرجع في التعيين إلى المبرئ؛ لأن المبرَأ لم يملك ذلك إلا من قبل المبرِئ، ولأن هذا من جهته وهو أعلم بما أراد.

فلو أن رجلاً له على شخص مائة دينار ومائة درهم، ثم قال له: أبرأتك من أحد دَينيك، ولم يعين لا الدنانير ولا الدراهم، فقال المدين: هي الدنانير، وقال المبرِئ: هي الدراهم، فنرجع هنا إلى قول المبرئ؛ لأنه أعلم بنيته، والمال ماله فيبرئه مما شاء، لكن على المذهب لا يجوز إلا ديناً معيناً لقوله: «من دَينه».

وقوله: «من دَينه»، لو أبرأه من دَين غيره، وقال للمدين: إني أبرأتك من دين فلان وأنا أقضيه، فلا يصح ولا يبرأ، وقوله: وأنا أقضيه، هذا وعد والوعد لا يُلزِم، فلا بد أن يكون من دينه لا من دَين غيره.

قوله: «بلفظ الإحلال أو الصدقة أو الهبة ونحوها»، هذه مسألة لا بد أن نعرفها تماماً، فقوله: «بلفظ» احترازاً مما لو أبرأه بقلبه، كرجل له في ذمة فلان ألف ريال، فنوى بقلبه أنه أبرأه لكن لم يقل: إني أبرأته، أو لم يقل له: أبرأتك، أو أحللتك، أو سامحتك أو تصدقت عليك أو وهبته لك، فلا يبرأ، وهذا مثل إنسان يعين دراهم للصدقة بها، وقبل أن يتصدق منعها، فلا حرج عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>