كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع

والشُّهداء، والصَّالحون، ولنا في تقرير طهارته ثلاث طُرُق:

١ - أنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة، فَمَن ادَّعى نجاسة شيء فَعَلَيْه الدَّليل.

٢ - أن عائشة Object كانت تَفرُك اليابس من مَنِيِّ النبيِّ Object (١)، وتَغْسِل الرَّطب منه (٢)، ولو كان نَجِساً ما اكتفت فيه بالفَرْكِ، فقد قال النبيُّ Object في دَمِ الحيض يُصيب الثَّوب، قال: «تَحُتُّه، ثمَّ تَقْرُصُه بالماء، ثمَّ تَنْضِحُه، ثمَّ تصلِّي فيه» (٣). فلا بُدَّ من الغَسْل بعد الحتِّ، ولو كان المنيُّ نجساً كان لا بُدَّ من غَسْله، ولم يُجْزِئ فَرْكُ يابِسِه كدَمِ الحيض.

٣ - أن هذا الماء أصل عِبَاد الله المخلصين من النَّبيين، والصِّدِّيقين، والشُّهداء، والصَّالحين، وتأبى حكمة الله تعالى، أن يكون أصل هؤلاء البَررة نَجِساً.

ومرَّ رجل بعالمين يتناظران، فقال: ما شأنكما؟ قال: أحاول أن أجعل أَصْلَه طاهراً، وهو يحاول أن يجعل أصْلَه نجِساً؛ لأن أحدهما يرى طهارة المنيِّ، والآخر يرى نجاسته.

وقد عَقَد ابنُ القيم Object في كتابه «بَدائعُ الفَوائدِ» (٤)

(١) رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب حكم المني، رقم (٢٨٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة، رقم (٢٢٩، ٢٣٠).
وباب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره، رقم (٢٣١، ٢٣٢)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب حكم المني، رقم (٢٨٩).
(٣) تقدّم تخريجه ص (٢٩).
(٤) انظر: «بدائع الفوائد» (٣/ ١١٩ ـ ١٢٦).